إختراع الكهرباء

قصة اختراع الكهرباء
لقد كان عبقري الكهرباء هو الكيميائي البريطاني السير ميخائيل فراداي المولود في لندن عام 1791 , حيث لولاه ما كان هناك من استخدام حديث للكهرباء.
وقد تصادف أن صنع أول محرك كهربائي قبل أن يكتشف كيفية إمكانية اختراع الكهرباء , ولذا لم يكن بإمكانه عند اختراعه سوى استخدام بطارية لتشغيله.
وفي العام 1821 لاحظ البروفيسور الدانمركي هانز كريستيان اورستد, انه عندما تدلى إبرة مغناطيسية بالقرب من يحمل تيارا كهربائيا فان الإبرة تتحرك مقتربة منه أو مبتعدة عنه.
ومن ثم فان فراداي قد قرر انه لا بد من وجود علاقة بين الكهرباء والمغناطيسية , وبعد تجارب عديدة في العام 1821 علّق قطعة من سلك نحاسي من خطاف بحيث تكون نهايتها السفلى تمس زئبقا موضوعا في طبق , وعندما مرر تيارا من بطارية عبر الخطاف دارت نهاية السلك وظلت تدور إلى أن فرغت شحنة البطارية .
ولم تكن للمحرك الأول هذا من قيمة عملية لأنه لا يستطيع أن يحرك أي شيء لكنه اثبت ترابط الكهرباء والمغناطيسية ترابطا وثيقا.

إختراع الكهرباء
حتى نهاية القرن الثامن عشر كانت كلمة كهرباء تعني ظاهرة التجاذب والتنافر ما بين أجسام محكوكة, وهو ما نطلق عليه الآن علم الكهرباء الساكنة. وقد كان معلوما منذ القدم تجاذب الأجسام الخفيفة للأجسام التي قد تمت كهربتها عن طريق الاحتكاك إلا أن دراستها لم تأخذ الشكل الجدي سوى في نهاية القرن السادس عشر على أيدي العالم الانجليزي "ويليم جيلبير" الذي أنجز أول دراسة متعلقة بهذا الموضوع والصادرة في عام ١٦٠٠. كما أنه يرجع إليه الفضل في ابتكار صفة" كهربي" لتعريف خواص التجاذب الغامضة(كلمة كهرباء قد اشتقت من كلمة إليكترون اليونانية وهي ما تعنى كهرمان وهى أحد أول الأجسام التي قد تمت كهربتها بالاحتكاك). وقد استأنف العالم الالمانى "أوتو فان جيوريك" تجارب جيلبير في أواسط القرن السادس عشر مما أسفر عن ابتكاره لآلة تفريغ الهواء ( فتجاذب الأجسام المكهربة يكون أوضح عند إفراغ الهواء الحائل أثناء التقارب). وأول آلة للكهرباء الساكنة عبارة عن كرة أرضية من الكبريت يقوم الباحث بشحنها بيديه حتى تضيء. وقد سمحت هذه المعدات البدائية باكتشاف ظاهرة التوصيل الكهربي مما يعنى القدرة الغامضة لانتقال الشحنات الكهربائية خلال بعض الأجسام, وظاهرة قوة الأطراف المدببة، وهو ميل الأجسام الحادة والمدببة لإظهار خواص كهربية. إلا أن هذا التأثير لم يتم الاستفادة منه سوى بعد اكتشافه بقرن عندما أثبت "بنيامين فرانكلين" في عام ١٧٥٢ أن الصواعق هي ظاهرة ذات طبيعة كهر بائية, وابتكر مانعة الصواعق من الأجسام المدببة. وهكذا أصبحت قطعة المعدن المدببة التي تعلو أسطح المنازل ومتصلة بالأرض أداة لامتصاص الشحنات الهابطة من السماء.

وفي القرن الثامن عشر توالت الأعمال التجريبية بمعدل سريع, وظهرت تأثيرات ومعدات أخرى، كما أخذت الأفكار في تكوين صورة لظواهر الكهرباء الساكنة. ويرجع الفضل للعالم الانجليزي "ستيفان جرى" الذي اكتشف ظاهرة التكهرب غير المباشر، وهي إمكانية كهربة الأجسام عن بعد دون احتكاك مباشر, وأيضا استطاع التمييز بين الأجسام الموصلة للتيار الكهربي والأجسام العازلة للتيار الكهربي. كما استطاع العالم الفرنسي "شارل دى فاي" عام ١٧٣٣ التمييز بين نوعين من "الشحنات" (نحن نقول اليوم شحنات كهربية) الأولى اسماها بالشحنات الزجاجية لوقوعها عن طريق احتكاك الزجاج والأخرى بالشحنات الخشنة حيث تنتج عن احتكاك جسمان خشنان ومن بعد, فالأجسام ذات الشحنات الكهربية المتشابهة تتنافر والأجسام ذات الشحنات الكهربية المختلفة تتجاذب. ولهذا فقد اسماهم بنيامين فرانكلين بعد عدة سنوات بالكهربية الموجبة والكهربية السالبة. وبهذا يكون هو أول من قام بتفسير ظاهرة التكهرب مستندا على وجود نوعين من الشحنات الكهربية وقاعدة واحدة أساسية, وهى الحفاظ الكلي للشحنات الكهربية فالتكهرب ينتج عنه شحنات موجبة وسالبة في داخل جسم خامل, وهذا الذي كان قد تم إيضاحه من عدة سنين من قبل بيد الفيزيائي الانجليزي "ويليام واطسن".
 

وفي اللحظة التي بلغت فيها نظرية الكهرباء الساكنة أشدها جاءت الموجة الكبرى لتبلبلها, ويكتشف عالم التشريح الايطالي "لويجى جالفانى" في عام ١٧٩١أثناء تشريح عضلات الفخذ للضفدع، ظهور شحنات كهربية غامضة عند توصيل العضلات بمعدنين لهما طبيعة مختلفة. ولترجمة هذه الظواهر استخدم التقريب بين زجاجة لييد وهي زجاجة مغطى باطنها بورقة معدنية مشحونة كهربيا ويتم تفريغها سريعا لمجرد اتصالها بموصل(وهكذا يتكون أول مكثف كهربي) والضفدع الذي هو عبارة عن زجاجة لييد حية يتم تفريغ شحناتها الحيوية في التو بمجرد اتصالها بموصلين من المعدن.
وقام الفيزيائي الإيطالي "الساندر فولتا" بإعادة تجارب زميله الأسبق ليثبت أن الضفدع لم يقم إلا بدور ثانوي، فالتأثير الكهربي ينتج عن اتصال معدنين لهما طبيعة مختلفة بواسطة قطعة من القماش المبلل. ونتيجة لهذا قام باختراع أول بطارية كهربية في عام ١٨٠٠، وهي تتكون من وضع أقراص من النحاس والزنك وبينهما قطع القماش المبللة بالحمض. وقد أحدثت هذه البطارية ثورة كبرى في علم الكهرباء فهي على العكس من آلة الكهرباء الساكنة التي كان يتم شحنها عن طريق الاحتكاك ومن بعد تفقد شحنتها سريعا, فهي تنتج تلقائيا نوعا من تفريغ الشحن نتيجة للتفاعل الكيميائي . وهو ما اسماه من بعد الفيزيائي الفرنسي "أندرى مارى أمبير" في عام ١٨٢٠ بالتيار الكهربي . فالتيار الكهربي ما هو إلا انتقال كلى للشحنات عبر جسم موصل. وتكريما لأمبير أصبح اسمه يطلق على وحدة شدة التيار، وهي كمية الكهرباء المارة بموصل خلال وحدة زمنية. وبالمثل تكريما لفولتا قد تم إطلاق الفولت ليكون مصطلحا لوحدة الجهد, وهو قياس فرق القوة الدافعة من البطارية لإصدار تيارا.
في عام ١٨٢٠ لاحظ هانس كريستين اورستد أستاذ الفيزياء بجامعة كوبنهاجن أن السلك الكهربي المقطوع حين يتم توصيله بتيار كهربائي يقوم بجذب الإبرة الممغنطة إذا ما كانت موضوعة بالقرب منه. وتعد هذه التجربة ثورة في عالم الكهرباء حيث أنه عن طريقها أمكن لأول مرة إثبات وجود تأثيرات مغنطيسية للكهرباء ومن ثم بدأت دراسة التفاعلات بين المغنطيس والسلك ذو الشحنات. ولاحقا توصل العالم أمبير إلي المقارنة بين الجسم الممغنط وبكرة السلك الموصل للكهرباء وإلى تقليل ظاهرة المغنطيس في التفاعل بين الأسلاك الموصلة وإلى أثبات أن باستطاعة المغنطيس تحريك السلك الموصل ذا الشحنات وقد أفادته هذه الاكتشافات حيث استطاع من خلالها تشغيل الدائرة الكهربية مما مكن الفيزيائي ميكائيل فريدي من ابتكار أول موتور كهربي في عام ١٨٢١، كما أخذ أيضا في برهنة إمكانية توليد تيار كهربي بوضع مغنطيس بجانب السلك الموصل.
وقد أطلق على هذه الاكتشاف اسم التأثير الكهرومغناطيسي والذي سمح لاحقا باختراع أول مولد للكهرباء وهو عبارة عن تيار كهربي يتولد ن طريق حركة ميكانيكية وليس نتيجة لتفاعل كيميائي كما تمكن العلماء بعد ذلك من اختراع أول محول قادر علي تصعيد الجهد الكهربي لتصبح هذه العناصر (المحرك – المولد – المحول – المحرك) من أهم أركان صناعة الكهرباء.
قوانين التيار الكهربي
وفي النصف الأخير من القرن التاسع عشر. عندما تطورت الكهرباء الصناعية وتطبيقاتها أصر الفيزيائيون على توحيد كل ما لاحظه أسلاف وفي عام ١٨٤٨ أثبت الألماني جيوستاف أن التيارات الكهربائية يمكن أن تكون بعيدة من أماكن توليدها كما هو الحال في المدن (حيث يظل الفاقد الكهربي بمقياس جول في السلك الكهربي الموصل). ومثل المصباح الكهربائي لأديسون والذي سريعا ما انتشر في المدن من أهم الاكتشافات في هذا المجال إن لم يكن أهمها على الإطلاق (ويعتمد المصباح الكهربائي علي انبعاث أشعة مكثفة مرئية عبر السلك معدني المقاوم للحرارة المرتفع).
توحيد الكهرباء والمغناطيس
هذا وقد أوضحت تجربة أورستد الصلة الوثيقة بين الكهرباء والمغناطيس وتم توحيدهم علي أيدي الاسكتلندي جيم كلاول ماكسويل في عام ١٨٦٤ وهكذا نشأ علم الكهرومغناطيسية.
وبفضل هذه التجارب والنظريات تمكن العلماء من تعريف سرعة توالد الكهرباء بمقارنتها مع بسرعة الضوء التي لطالما حاولوا قياسها من قبل. وبالرغم من ذلك الاستنتاج جديد فقد كان الفيزيائي كير تشوف قد توصل إليه قبل سبع سنوات كير تشوف وخاصا فيما يتعلق بتوالد الإشارات الكهربية علي طول السلك الكهربي الموصل.
الكهرباء الصناعية
شهد النصف الأخير من القرن التاسع عشر تطورا ملحوظاً في مجال الكهرباء الصناعية حيث أحلت مكان بطاريات فولتا، بطاريات ذات كفاءة اعلي مثل بطارية دانيل عام ١٨٣٦ وبطارية بنس عام ١٨٤١ وبطارية لى كلاتيه عام ١٨٦٤ وفي عام ١٨٥٩ وضع جاستون بلانتي أول بطارية قابلة للشحن وانطلقت بعدها صناعة المولدات انطلاقا ليس له نظير فتم ابتكار الدينامو في عام ١٨٧٠ علي يد زينوب جرام وظهرت أول مولدات للتيارات الكهربائية المترددة كنتيجة لجهد المهندس الكرواتي نيكولاتلسه ( الذي سميت باسمه وحدة المجال المغنطيس). وقد استخدمت هذه الأجهزة للتوربينات الضخمة في محطات توليد القوة الكهربية (سواء كانت حرارية أو كهرومائية أو نووية) كعنصر رئيسي لإنتاج الطاقة الكهربية .وصاحب تطور المولدات تطور معدات أخري كالمحركات الكهربائية. و ظهر في إنجلترا عام ١٨٣٩ أول جهاز للاتصال عن بعد والذي يعمل بناء علي الإشارات الكهربية المنبثة عبر السلك الكهربي علي يد المهندسين ويليام قول وشارلز ويستون وفي عام ١٨٧٦ استخدم لأول مرة جراهام بل الإشارات الكهربية لنقل أصوت الإنسان عبر المسافات الطويلة وقد توالت الاختراعات فعرف التليفون سريعاً وتحولت وسائل المواصلات لتعمل بالكهرباء فأول خط ترام كهربي اخترعه المهندس الالمانى ورنر فون سيمنز و جوهان هالسك عام ١٨٧٩ وأول قطار كهربي ابتكره توماس اديسون عام ١٨٨٠. وبفضل تطور المحولات (في الثمانينيات القرن التاسع عشر) وتطور الأجهزة التي ساعدت على توالد قوة الجهد أصبح من الممكن الحصول علي الكهرباء علي مسافات طويلة كما أصبح من الممكن إطالة وقت تفريغ الشحنات ( وقد تطورت بعد ذلك صناعة البطاريات ذات الجودة المرتفع) ، وتمكن العلماء من متابعة مرور التيار عبر العديد من الأجسام، وما لبث ميكائيل فرايدي أن اكتشف أنه عند تغطيس طرفي لأجسام صلبة موصلان بقطبين كهرباء (طرفي بطارية) في الماء أو في محلول مائي ينقسم المحلول المائي ليعود إلي مركباته الأولية وهو ما يسمي بالتحلل. واستخدم هذه النظرية الكيميائي الإنجليزي همفري دافي في اكتشاف عدة عناصر لم تكن معلومة مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والماغنسيوم والمباريوم والستوونتيوم. وبإبدال المحلول المائي بغاز معلق في إناء من الزجاج نحصل علي أول تفريغ للشحنات يستغرق زمناً طويل وهو ما سيساهم في تجهيز أول إناء حضرية في النصف الأخير من القرن التاسع عشر. وفي عام ١٨٤١ لاحظ العالم الإنجليزي جيمس بريمسكوت جول أن مرور التيار في موصل معدني يتسبب في انبعاث حرارة وهذا هو نفس التأثير (مقدار جول) المستخدم في المكواة.